الفرق بين الذكاء والحيلة

الفرق بين الذكاء والحيلة

بينما كنت في محطة البنزين صباح اليوم شد انتباهي منظر صاحب سيارة قام بملء خزان بنزين سيارته ثم طلب من عون المحطة وصل وأثناء اعداد العون للوصل لاذ صاحب السيارة بالفرار تاركا وراءه فاتورة البنزين ليتحملها ذلك العون البسيط الذي ظل مصدوما ومتألما مما حدث لأنه سيدفع في النهاية الفاتورة من حساب أجرته الزهيدة.

يحدث هذا الموقف في عز شهر رمضان و يرجح أن صاحب السيارة في حالة (صيام).

النقطة التي اود ان اركز عليها اليوم هي ضرورة التمييز بين ذهنية أو نفسية الحيلة والنهب والخطف والاستعجال و الميكيافيلية بالمقابل لذهنية أو نفسية الذكاء والجهد والصدق والاستحقاق و احترام ملكية الآخرين (أو مايسمى بالورع أو النزاهة في المصطلح الأخلاقي ).

بداية ينبغي التوضيح بأن الرغبة في الاغتناء فكرة إنسانية مشروعة بل مطلوبة لكن النزوع نحو الخطف والنهب و حرق الاشواط و استعجال النتائج واحتقار الجهد هي ذهنية وسلوك مرضي يعبر عن مزيج من خمسة خصائص مركبة هي : الجهل والكسل واحتقار الآخرين و الإحباط واخيرا خسة النفس.

أما السعي الجاد نحو الغنى من خلال المكابدة وبذل الجهد المستمر والجاد وطول النفس وإضافة قيمة حقيقية للآخرين هو سلوك موافق للسنن الكونية فلابد من تسعة شهور لخروج الجنين ولابد من آلام المخاض ليخرج المولود. و هو سلوك يعبر عن احترام الذات واحترام الآخرين و يعبر عن الامل و عن الثقة بالنفس.

الاول يعني العيش في دائرة اللهفة أما الثاني فيعيش في دائرة الانجاز .
الاول يعني العيش في الاوهام و الكذب على الذات والثاني يعني الحياة في عالم الجدارة و الاستحقاق
الاول يؤدي إلى طريق مسدود ولو بعد حين والثاني يوصل الى اليسر ولو بعد حين.
الاول هو عالم الذل والثاني هو عالم العزة.

إن انتشار ثقافة الحيلة والسهولة و الكسل والغش خاصة في أوساط الشباب (واحيانا بتبريرات فقهية صورية) على حساب الاجتهاد يؤذن بخراب المجتمع.

لتفادي هذا السرطان الاجتماعي ينبغي على كل من يهمه مستقبل المجتمع من :

  1. تزويد الشباب بمهارات بناء الثروة وإنشاء المشاريع على أسس علمية حقيقية وعقلانية.
  2. الترويج للنماذج التجارية الناجحة لتصبح قدوات ملهمة للشباب في طريق النجاح.
  3. مرافقة كل من يملك الطموح والإرادة الجادة للوصول إلى أهدافه المالية دون رشوة أو بيروقراطية من خلال تسهيل سبل الحصول على التمويل المناسب للمشاريع دون تعجيز أو تضييق.
  4. تيسيير سبل وصول منتجات الشباب والنساء الماكثات في البيوت إلى السوق وحمايتهم من قوى الاحتكار والابتزاز
  5. التعامل بصرامة وحزم مع كل انواع الغش دون تمييز (ابتداءا من الغش في المدرسة والجامعة وانتهاءا بالمؤسسة وعالم الشغل) لاسترجاع هيبة القانون و حرمة الملكية الخاصة. وقداسة الجهد. قدوة بسيد الخلق القائل ،:
  6. “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.”

في الختام :

إن إعادة الاعتبار للجهد والنزاهة والصدق و الملكية الخاصة شرط لكل مشروع مجتمع جاد يريد أن يبقى محترما بين الامم الأخرى.